top of page
Featured Posts
Recent Posts
Follow Me
  • Facebook Long Shadow
  • Google+ Long Shadow
  • Twitter Long Shadow
  • LinkedIn Long Shadow
Search By Tags
Pas encore de mots-clés.

العمل كظاهرة اجتماعية ودوره في خلق التوازن والاستقرار في المجتمع. "مقاربة سوسيوتاريخية..... دور


لقد نشأت فكرة العمل وتطورت مع تطور الإنسان مند الأزل, وترجع البدايات الأولى للإهتمام بظاهرة العمل باعتباره ظاهرة إنسانية يهتم بها كل

من علم الاجتماع العمل وعلم الاجتماع السياسي, بحيث تعود الـجذور الأولى إلى عهد أفلاطون من خلال كتابه الجمهورية، حيث قسم المجتمع إلى ثلاث طبقات، طبقة الحكام وطبقة الجند وطبقة العمال التي تخدم الطبقة الحاكمة، ثم تطور العمل في عهد الرومان عن طريق تعليم المعلم للصبي ومساعدتهم على اكتشاف قدراتهم وإمكانياتهم وتمثيل الأدوار، ثم تطور العمل في الفكر العربي عند ابن خلدون الذي أسس العمران البشري عندما أشار إلى قيمة العمل وركز على أهمية الصناعة فيه حيث رأى بأنها تصب فيها الأفكار والأنظار، معتبرا بان تقدم الأمم يقاس بمدى تقدم الصناعة فيها. وفي هذا الصدد يقول " إن العيش إمارة وفلاحة وصناعة وتجارة."

وهو يؤكد على أن الفلاحة بسيطة ولا تتطلب جهد علمي مثل الصناعة التي تتطلب المعرفة والتدريب العلمي من أجل أداء الأعمال والأنشطة، ليؤكد على أفكار إبن سينا قبله عندما ركز على ضرورة وضع الرجل المناسب في المكان المناسب، معتبرا الميول وظيفة أساسية ينبغي الاعتماد عليها في عملية التعلم، أما أبو الحسن الماوردي في تراثه التربوي زيادة على ما جاء به ابن سينا وابن خلدون فهو يؤكد على أهمية تحليل العمل والوظائف وتحليل الفرد ومساعدته على اكتشاف قدراته ومهاراته وتكييفها مع العمل المناسب له.

لقد تغيرت هذه المفاهيم على ما يبدو بعد التطور الذي عرفته الصناعة في بدايات القرن التاسع عشر حيث أخذ مفهوم ظاهرة العمل يتغير شيئا فشيئا توافقا مع تزايد الاهتمام بالصناعة كأحد المميزات الرئيسية لعصر ما يعرف بعصر الآلات الصناعية، لقد تم اختراع آلة الطباعة على يد "جوتنبرغ" والآلة البخارية على يد جيمس واط و فسح المجال واسعا أمام المخترعين وأصحاب العلم فتطور العمل وتعقدت المهام وتأثرت أساليب الحياة وتغير المجتمع، وأصبحت ظاهرة العمل ظاهرة اجتماعية اقتصادية قبل أن تكون إنسانية في المقام الأول، لقد تحول المجتمع الأوروبي أنذاك تدريجيا و أتجه ناحية التغيير السريع بسرعة و ارتبطت الحياة الحضرية بالعمل الذي أنتج بدوره ظواهر أخرى جديدة لم تكن معروفة من قبل كظاهرة البطالة وارتباطها ببعض المشاكل والآفات حيث ظهرت ما يسمى بالبطالة الجماعية في القرن

الخامس عشر وكان هناك استغلال من طرف أصحاب العمل للعمال وممارسة عليهم أساليب تعسفية فهم يخضعون لضغط الحاجة الاقتصادية. وبعد فترة من الزمن تشكل الوعي السياسي والاجتماعي لهؤلاء العمال وحاولوا ان يغيروا ظروف العمل الصعب والشاق عن طريق الإضرابات والمفاوضات.

وعند الحديث عن العالم الاجتماعي "إميل دوركايم" من خلال تناوله لظاهرة العمل واعتبارها وسيلة لتحقيق الاستقرار والتوازن في المجتمع، فهو يعد من اوائل مؤسسي علم الاجتماع وينتمي إلى رواد المدرسة البنائية الوظيفية، درس الأخلاق وابرز دور البعد القيمي الذي يعد من عناصر البناء الإجتماعي وهذه القيم تحكم سلوك الإفراد داخل الجماعات الإنسانية، إضافة إلى تناوله كيفية تطور المجتمعات من البدائية حتى الصناعية من خلال منطلقاته ومفاهيمه الاساسية التي تناولها في تحليله للظواهر الإجتماعية ومن بينها ظاهرة العمل ودورها في إحداث التوازن في المجتمع حيث قسم المجتمع إلى مرحلتين حسب المراحل التاريخية التي مر بها الإنسان في تطور حياته وهي: مرحلة المجتمعات البدائية التي تتميز بالبساطة في ممارسة العمل في شكل أعمال حرفية ويدوية بسيطة لا تتطلب ادوات ووسائل متطورة ومعقدة، حيث يسود تلك المجتمعات تضامنا آليا دو طابع وراثي ويطلق عليها بالمجتمعات المنغلقة يسودها التضامن والتماسك والتعاون وتحكمهم لغة مشتركة وثقافة موحدة والتي في تصوره تؤدي إلى إحداث التوازن والاستقرار في المجتمع أما مرحلة المجتمعات الحديثة وتسمى بالتضامن العضوي ففي هده الفترة ظهر المجتمع الصناعي بظهور الثورة الصناعية في بريطانيا التي تعتمد على الآلة الحديثة في القيام بالأعمال والأنشطة الإنسانية بغية تحقيق غايات نفعية وجد من اجلها الإنسان حيث برز مبدأ تقسيم العمل الذي ينطلق أساسا من فكرة التخصص أي تجزئة العمل إلى وحدات صغيرة وكل فرد يقوم بإنجاز عمل واحد ويتخصص فيه لكي يكسب مهارة عالية التخصص في دالك العمل للنهوض بمستوى عال من الإنتاجية والكفاءة.

إن العمل كسمة إنسانية لما له من أهمية بالغة في حياة الأفراد باعتباره دالك الجهد المبذول سواء كان فكري أو عضلي للقيام بمجموعة من الأنشطة من اجل تحقيق غاية تكمن في تلبية حاجات الأفراد المادية والاجتماعية والنفسية فمن خلاله يكسب الفرد مكانة وأهمية في المجتمع فلولا اندماج الفرد في ممارسة نشاطات معينة في حياته لسادت فوضى في المجتمع وانعدم الاستقرار والتوازن فيه، ويحدث التوازن من خلال مساهمات الأفراد بجهودهم في بناء هدا المجتمع من جهة وإلى قيام المجتمع بتلبية حاجات ومتطلبات هؤلاء الأفراد من جهة أخرى.


bottom of page