top of page
Featured Posts
Recent Posts
Follow Me
  • Facebook Long Shadow
  • Google+ Long Shadow
  • Twitter Long Shadow
  • LinkedIn Long Shadow
Search By Tags
Pas encore de mots-clés.

رفع الدعم عن المحروقات (تساؤلات حول الشفافية الاقتصادية والعدالة الاجتماعية)

العدالة الاجتماعية مفهوم واسع من حيث التطبيق والعمل به، محدّد الكلمات والمصطلحات حين يتم التعريف به، ولعله الحلم الأكثر حضورا وشغلا لأذهان العديد من القادة، خاصة قادة ما يعرف بــ العالم الثالث، ولكنّه الحلم الأكثر بُعدا عن الواقع، وعدم العمل به كذلك. ومن هنا تتوالد الكثير من الأفكار، التي يحاول من خلالها هؤلاء القادة إلى وضع قوانين وقواعد تحقق نوعا من العدالة الاجتماعية،وإن كانت وهما!! وحسب معطيات العصر الحديث، ليس هناك كالرواتب، أو القوانين المتعلقة بتحفيز وزيادة الدخل المادي للفرد، طريقة لدعم وتعزيز قيم العدالة الاجتماعية، بعد أن انحصر مفهوم العديد من المجتمعات، واعتقد الكثير من القادة والزعماء، أنّ المال هو السبيل الوحيد للتغطية على مساوئ الاستئثار بالسلطة.

عُمان دولة نفطية، إذا ما حصرنا مفهوم الدولة هنا بالعامين 1970 - 2014، واعتمدت في بناء أركانها وركائزها على الثروة النفطية بصورة شبه كاملة. والكثير من مواطني دول العالم بمختلف درجاته، كانوا يحسدون المواطن الخليجي على نعمة واحدة فقط، وهي النفط، وليس ذلك لتواجد ما يقرب 35% من نسبة العالم النفطية في الخليج فقط، بل لحصول المواطن الخليجي على هذه الثروة بأسعار مخفضة جدا مقارنة بالدول الأخرى، حتى الدول الصناعية الكبرى، لمساهمة الحكومات الخليجية إلى دعم هذه السلعة محليا لتصل للمواطن بسعر مخفض للغاية. ولكن، تفاجأ الوسط المحليّ، بعد فترة ليست بالبعيدة من قرار "رفع الرواتب" وإقرار سلسلة جديدة للرتب والدرجات المالية، بتوجهات يبدوا أنها دخلت مرحلتها الجديّة، وهو رفع الدعم عن المحروقات.

رفع الدعم عن المحروقات، هي خطوة مهمة وقرار أعتبره مصيري جدا، ورغم علمي المسبق؛عن قيام عدد من أعضاء "الشورى" بالعمل على دراسة في هذا الشأن، مستندين في ذلك، على أنّ الدولة تدعم المحروقات، في حين أن ليس كل المواطنيين يستفيدون من هذا الدعم،وهناك نسبة كبيرة من الوافدين يستفيدون دون العماني، وهو توجّه حسن، ونيّة إخلاص ووفاء للمواطن في توفير المال له من أجل الاستعانة به في شؤون حياته، ورغم اتفاقي الجزئي في "رفع الدعم" إلا أنني لم أتوقع أن يتم بالسرعة هذه، ذلك أن قرار الدعم لا بد وأن يسبقه العديد من الاجراءات تتمثل في توفير البديل للمواطن حتى يستطيع الاستفادة من زيادة الرواتب من جهة، وعدم التأثر سلبا من رفع الدعم من جهة أخرى. مع التذكير، أن زيادة الرواتب الأخيرة، لم تحقق "العدالة الاجتماعية" المرجوة كما كان ينشر عنها سابقا، ولا زالت هناك مؤسسات تتفاوت في رواتبها عن غيرها من المؤسسات، ولا زالت هناك مؤسسات أسرع عن غيرها في ترقية موظفيها، كما لا ننسى قطاع مهم جدا، وهو القطاع الخاص، الذي لم يستفد من رفع الرواتب، وبالتأكيد ستكون عواقب رفع الدعم وخيمة وأكثر سلبية عليه، وهو ما يمكن تفسيره على أنه "لا مسؤولية أو لا مبالاة" الحكومة اتجاه هذا القطاع من الشعب.

خطوة رفع الدعم عن المحروقات، تسبقها خطوات، تتمثل عادة في توسيع خيارات النقل العام أوّلا، سواء في شبكة باصات متوسعة لكل المناطق، القاصية منها والدانية، وتوفير شبكة قطارات حديثة كذلك، نظرا إلى مساحة الأراضي الشاسعة بين منطقة وأخرى أو ولاية وأخرى في عمان،بل وحتى فكرة تنشيط القوارب الحديثة في المناطق الساحلية كذلك، طالما عمان تمتاز بشاطئ كبير ومأهول بالسكان. وهذا جميعه يندرج تحت بند توفير الخدمات الضرورية واللازمة لكل مواطن، وإلا فإن رفع الدعم، سيكون تأثيره سلبي أكثر منه إيجابي، وإن كان استناد العديد من الدارسين للموضوع على نسبة امتلاك المواطنين للمركبات، إلا أن النسبة التي لا تملك السيارات أو الأجهزة التي تستفيد من خلالها من دعم المحروقات، في المقابل؛ تستعين بالبديل عن ذلك، باستخدام سيارات الأجرة بمختلف أنواعها، وأي ارتفاع في تسعيرة سيارات الأجرة على المواطن، سيكون بالتأكيد أسوأ من ارتفاع سعر لتر البترول أو الديزل بالنسبة لمالك المركبة، ناهيك عن ارتفاع سعر اسطوانات الغاز، وهو الأمر المثير للغرابة إلى الآن، كون أنّ عمان دولة تمتاز بثروة غازية جيدة ومتينة نوعا ما، بغضّ النظر عن الصفقات "الساذجة" التي أضاعت ثروة هذا البلد بسبب مسؤوليين فاسدين، إلا أن الدولة ليس بها شبكة إمداد خاصّة بالغاز للأسف.وقس على ذلك ما يمكن له أن ينتج من هكذا تصرف.ولم أتطرق هنا لموضوع السلع الأخرى، وتسعيرة الكهرباء والمياه، وما إذا كانت ستتأثر من رفع الدعم، ومدى انعكاس ذلك على المواطن.

رفع الدعم عن المحروقات، ليس مجرد خطوة يتم تغطية مرحلة ما قبل القيام بها بشعارات وطنية، واستنهاض مشاعر الشعب من أجل الموافقة عليها، بل هي خطوة تأتي بعد خطوات أخرى مستحقة، والتي ذكرتها في الفقرة السابقة، فعمان الدولة النفطية والغازية،والتي تمتلك ثروات طبيعية بحرية وزراعية ونحاسية لا بأس بها، للآن ليس لديها برنامج لدعم المواطنين ماديا غير نظام "الضمان الاجتماعي" أو "الدخل المحدود"، حيث لا زال ربّ الأسرة يتكفل باطعام أبنائه دون أن تقوم الدولة بتخصيص نفقات شهرية أو أسبوعية، ولا زال التعليم فيها يعتبر ذو مستوى متدني(حسب ترتيب جامعات السلطنة العالمي)، مع العلم أن حتى "زيادة الرواتب" التي تمّ إقرارها في الربع الأخير من العام المنصرم، لاتمثل حقيقة الاقتصاد والدخل السنوي للبلاد، الذي فشلت الحكومة إلى اليوم في تقليل الاعتماد على النفط والغاز لازالت نسبة الاعتماد على النفط والغاز أكثر 80%، وتنمية الثروات الأخرى التي سيكون لها شأن حقيقي في رسم خريطة المستقبل لأجيال قادمة.

رفع الدعم خطوة مصيرية فعلا، ولن أبالغ إن وصفتها بالتصرف اللامسؤول، والذي يعبر في حقيقته عن أنانية السلطة في تأمين رفاهيتها على حساب الشعب، فإلى اليوم، لا أحد يعرف مقدار حصّة السلطان والأسرة أو العائلة الحاكمة من الثروة الوطنية، ولا الحكومة لديها النيّة إلى تقليل نفقات الديوان السنوية الهائلة، خاصة فيما يتعلق بهبات الديوان للشيوخ والرشداء، ونفقات قصور السلطان الهائلة كذلك. ولا أنّ الحكومة لديها النيّة إلى تقليل نفقات الأجهزة الأمنية العسكرية؛ التي يزداد رقمها عاما بعد عام (بلغت في 2013 (3.6) مليار، وفي 2014 (3.645) مليار)!!!. مع العلم، أنه ومن خلال تقليل نفقات هذه المؤسسات، وإعادة توجيهها في الميزانية العامة للدولة، لتمكنت الدولة من تجاوز الكثير من العقبات التي تواجهها، فإذا كان الشعب لا يتجاوز الـــ 4 مليون في تعداده اليوم (لا بد من الإشارة إلى أن 44% (1.744.400مليون) هم وافدون حسب المركز الوطني للإحصاء والمعلومات)، وتسعى لتدابير شبه تقشفية، فكيف يكون حالنا غدا وقد نضبت الثروة النفطية؟؟؟.


** نبهان الحنشي, كاتب وناشط سياسي


bottom of page