top of page
Featured Posts
Recent Posts
Follow Me
  • Facebook Long Shadow
  • Google+ Long Shadow
  • Twitter Long Shadow
  • LinkedIn Long Shadow
Search By Tags
Pas encore de mots-clés.

الدستور التونسي الجديد و علاقته بمفهوم دولة الحق و القانون. أولا: الدستور و مبدأ الفصل المرن بين ال

منال رحومة *

دولة القانون او "الدولة الدستورية" كما يعرفها الفيلسوف الالماني ايمانويل كانط هي "مفهوم في الفكر قانوني يفسر مدى تقييد ممارسة السلطة او الدولة بأحكام القانون". أي أن جميع سلطات الدولة التنفيذية و التشريعية و القضائية, لا يمكنها أن تتصرف إلا في حدود أحكام القانون ما دامت هذه الأحكام لم تلغ أو تعدل وفقاً للشكليات و للإجراءات المحددة بالنصوص القانونية. ومن أهم مرتكزات قيام دولة الحق و القانون هو خضوع السلطة الإدارية ( السلطة التنفيذية) في الدولة للقواعد القانونية الصادرة عن السلطة التشريعية .و تقتصر على حماية المواطنين من الممارسة التعسفية للسلطة و ضمان الحريات المدنية قانونيا. و من أهم هذه المباديء التي تقوم عليها دولة القانون فيما نجمل بعضها في الآتي:- سيادة الدستور الوطني،- ممارسة الدولة للقانون ما يضمن لها سلامة الحقوق الدستورية لمواطنيها، - اعتبار المجتمع المدني كشريك مساوي للدولة، - الفصل بين السلطات الثلاث، - تفعيل شفافية و توفر المصداقية في أفعال الدولة،- احترام التسلسل الهرمي للقوانين

و بالرجوع إلى وجود اساس عام لإقامة دولة القانون في تونس ما جاء في دستور 9191 التونسي باعترافه صراحة بدولة الحق و القانون ويظهر ذلك في الفصل الخامس كما في نصه : “ تضمن الجمهورية التونسية الحرٌيات الأساسية وحقوق الانسان في كونيتها وشمولٌيتها وتكاملها وترابطها." و في التعديل في سنة 2002 ما ورد في نصه أيضا : "تقوم الجمهورية التونسية على مبادئ دولة القانون”. و هذا ما نلاحظه جليا ايضا في الدستور الجديد حيث لا يكاد يخلو من إشارات تعزز ما ذهبنا إليه من إثبات أحقية إقامة دولة القانون بالتركيز على الاعتراف بالجمهوريةالتونسية كدولة قانون ذات دستور عالي و رفيع .و تظهر مقومات دولة الحق و القانون في دستور الثورة اولا كمصدرللتشريع اذ يبين نظام الحكم في الدولة و تشكيل السلطات العامة وتوزيع الاختصاصات بينها وكيفية ممارستها كما يبين حقوق الأفراد و الوسائل اللازمة لضمانها و صيانتها. كماا يشكل قيداً قانونياً لسلطات الدولة حيث يبين حدود و اختصاص كل سلطة بحيث لا تستطيع تجاوزها وإلا تكون قد خالفت احكام الدستور, وفقدت السند الشرعي لتصرفها . ففي التوطئة وقع التصريح على ان النظام المتبع في تونس هو نظام جمهوري ديمقراطي يستمد سيادته من الشعب و يحترم الحقوق و الحريات ، ما نصه.. “ نظاما جمهوريا دٌمقراطيا تشاركيا... السيادة... للشعب عبر التداول السلمي على الحكم بواسطة الانتخابات الحرة و .. مبدأ الفصل بين السلطات والتوازن بينها... و تضمن فيه الدولة علوية القانون واحترام الحريات و حقوق الانسان واستقلالية القضاء و المساواة في الحقوق والواجبات بين جميع المواطنين والمواطنات”. كما جاءت بعض الفصول لاحقا تتحدث على علوية الدستور او القانون على غرار الفصل 2 منه "تونس دولة مدنية تقوم على... إرادة الشعب و علوية القانون. ")ولايجوز تعديل هذا الفصل( اوالفصل 20 " المعاهدات الموافق عليها من قبل المجلس النيابي والمصادق عليها أعلى من القوانين و أدنى من الدستور”

إن الفصل المرن بين السلطات كأحد المباديء الاساسية التي تقوم عليها دولة الحق و القانون يساهم في تمكين ركائز دولة الحق و القانون و يساعدها على تحسين مستوى الأداء في كل المجالات ، ونعني به وجوب الفصل بين السلطات الدستورية الأساسية : التشريعية والتنفيذية و القضائية. و هذا ما حمله ايضا الدستور الجديد و حث عليه -ما جاء في نصوصه على سبيل المثال ما يتعلق بالرقابة القضائية . فالرقابة القضائية تعتبر الوسيلة الأمثل لصيانة و حماية حقوق و حريات الافراد سواء فيما يتعلق بخضوع السلطة التنفيذية او الادارة للقانون ام في خضوع السلطة التشريعية للدستور ،"القضاء سلطة مستقلة تضمن اقامة العدل، وعلوية الدستور،وسيادة القانون... (الفصل102 ). طبعا بوجود قضاء مستقل نكون قد تمكنا من شكيل احد اهم المرتكزات الاساسية لقيام دولة الحق و القانون التي ندعو إليها ,وعلى استقلال القضاء يتوقف الوجود الفعلي لبقية مقوماتها فلا قيمة للدستور ولا لمبدأ الفصل بين السلطات ولا لإعلان الحقوق والحريات الفردية إلا بوجود قضاء مستقل و رقابة قضائية تضمن احترام احكام الدستور و القانون,وتضمن ممارسة كل سلطة اختصاصاتها في حدود مبدأ فصل السلطات وتضمن حماية الحقوق و الحريات الفردية. ولا قيمة للرقابة القضائية إلا اذا كان هناك قضاء مستقل و حقيقي يمارس احقيته في الحكم دون أي تدخل في عمله من قبل السلطة التنفيذية او التشريعية.

و أما ما يخص الحقوق و الحريات الفردية في الدستور الجديد فنلاحظ جليا بأنه حمل الكثير منها ما يدعو في الأساس إلى تأمين الحماية نحو ما يتعلق بالحقوق الاجتماعية و الاقتصادية و حريات الافراد ضد تعسف السلطة العامة. و من اهم هذه الفصول نذكر الفصول– 49.41.35.34.45

إذًا فإن بناء دولة الحق و القانون لا يمكن ان يتم بدون وجود ضمانات فعلية وحقيقية، تشمل كافة مكونات المجتمع ما يضمن لهم حقوقهم السياسية و الاجتماعية والاقتصادية. فالديمقراطية لا تتحقق إلا عن طريق الحفاظ على هيبة الدولة و الحد من تغولها بالسلطة المطلقة عن طريق مبدا التفريق بين السلط. وبذلك يبقى القانون هو المنظم لمختلف هياكل الدولة والدستور هو مصدر التشريع و و هذا ما يدفعنا في الأخير إلى الإقرار بحقيقة كلام مونتسيكيو نفسه عن المبدأ الذي اتى به عندما يقول ".( إنها تجربة خالدة بأن كل إنسان يتولى السلطة ينزع إلى إساءة استعمالها حتى يجد حدا يقف عنده. إن الفضيلة ذاتها تحتاج إلى حدود ، ولكي لا يٌساء استعمال السلطة يجب أن توقف السلطة سلطة أخرى).

* ناشطة في المجتمع المدني و عضوة في حزب سياسي

bottom of page